نظرية المجال البلوري (الحقل البلوري)
قبل الخوض في تفاصيل نظرية المجال (الحقل) البلوري دعونا بدايةً نستعرض نظرية الرابطة الشاردية في تفسير تشكيل المعقدات.
- حيث وجدَ العالم كاسل إن الجزيئات متشكلة من عناصر مختلفة الكهرسلبية أي هناك مراكز للشحنات الموجبة ومراكز للشحنات السالبة أي كل جزيئة يمكن أن تملك عزم ثنائي قطب أي لها قطب موجب وآخر سالب.
- تتجاذب الأقطاب مع الشوارد المعاكسة لها وهذا هو أساس هذه الرابطة كما ويمكن حساب طاقة الروابط نتيجة التجاذب.
والسؤال هنا ؟
في حالة المعقدات ماذا يحدث لمستويات الطاقة الالكترونية للمدارات d التي تعطي خواص مغناطيسية وضوئية وكهربائية للمعقد؟
أجاب على هذا السؤال العالم بيتفان فلوك من خلال نظرية الحقل البلوري.
نظرية المجال البلوري
تختلف هذه النظرية بصورة جذرية عن نظرية رابطة التكافؤ التي تفترض على أن الرابطة بين المعدن المركزي والمرتبطات في المعقدات هي رابطة تساندية مشتركة في حين أن نظرية الحقل البلوري تفترض على أن الروابط بين المعدن المركزي والمرتبطات ذات طبيعة شاردية.
تقول نظرية الحقل البلوري أنه :
عندما تقترب المرتبطات من الذرة المركزية سوفَ تُغير بمستوي الطاقة للمدارات الالكترونية وخاصةً مدارات d.
أي أن هذه المرتبطات سوفَ تضغط على المدارات ويتشكل بدايةً مستوي أعلى يسمى بمستوي متوالد للطاقة أي جاهز للإرتباط وبعد ذلك سوفَ تنشطر هذه المدارات إلى سويتين ونوع الإنشطار هنا يحددهُ الشكل الفراغي للمعقد.
1- في حالة معقدات ثمانية الوجوه
في المعقدات ثمانية الوجوه يكون العدد التساندي 6 وبما أن مدارات ثمانية الوجوه موجودة على المحاور ( للتعرّف أكثر يمكنك عزيزي القارئ مراجعة المقال التالي)
بالتالي عندما تقترب المرتبطات أكثر يصبح الضغط أكبر على المدارات الموجودة على المحاور وبالتالي نتيجة هذا الضغط ترتفع طاقة هذه المدارات طبعاً هذه المدارات هي dx²-y² و dζ² الموجودة على المحاور.
أما المدارات البقيّة فإنها حسب نظرية الحقل البلوري سوفَ تنخفض طاقتها وهذه المدارات هي dxy و dxζ و dyζ وهذه المدارات موجودة بين المحاور , والسبب في ذلك هو :
مبدأ انحفاظ الطاقة اي كل ارتفاع في الطاقة يقابلهُ انخفاض في الطاقة لكي تبقى المحصلة واحدة.
شبه العالم بيتفان فلوك المدارات بالكرات أو البالون.
نتيجة الوضع الفراغي للمعقد فإن المدارات التي ترتفع طاقتها هي المدارات الواقعة على المحاور وهي dx²-y² و dζ² والمدارات التي تنخفض طاقتها هي المدارات التي تقع بين المحاور وهذه المدارات هي dxy و dxζ و dyζ
Δο : تمثل طاقة الانشطار
ο : يعني انشطار لثماني وجوه Octa
بما أن الطاقة ثابتة وحسب مبدأ انحفاظ الطاقة ( مجموع الانخفاض في الطاقة = مجموع الارتفاع في الطاقة) بالتالي يجب أن يكون الفرق في الطاقة بين مستوي التوالد للطاقة والمستوي الأعلى بعد الانشطار أكبر من الفرق في الطاقة بين مستوي التوالد للطاقة والمستوي الأدنى بعد الانشطار وذلك بسبب وجود مدارين في الأعلى وثلاث مدارات في الأسفل .
- يسمى المستوى الاعلى eg وتعني ثنائي أي مدارين.
- ويسمى المستوى الادنى t2g وتعني ثلاثي أي ثلاث مدارات.
إن الالكترونات عندما تتوضع على t2g فإنها تعطي استقرار للمعقد وبالتالي تصرف طاقة مقدارها Δο = 0.4 وتسمى طاقة استقرار الالكترون ( ناشر للحرارة )
بينما عندما تتوضع الالكترونات على eg فإنها تعطي عدم استقرار للمعقد وبالتالي تصرف طاقة مقدارها 0.6 = Δο وتسمى طاقة عدم استقرار الالكترون ( ماص للحرارة )
العوامل المؤثرة على طاقة الانشطار Δο
- الحقل الذي تولده المرتبطة : فكلما كان الحقل أقوى كلما حصل انشطار اعلى
- درجة اكسدة الذرة المركزية : كلما ازدادت درجة اكسدة الذرة المركزية كلما ازداد جذبها للمرتبطات وبالتالي تقترب المرتبطات اكثر مما يزيد من الانشطار
إن الالكترونات عندما تتوضع على المستويات t2g فإنها تتوضع وفق قواعد توزع الالكترونات على المدارات الذرية , وهذه القواعد هي :
- مبدأ البناء
- مبدأ الاستبعاد
- مبدأ هوند
وبالتالي في هذه الحالة يمكن تحديد البنية الفراغية للمعقد من خلال معرفة طاقة الانشطار وطاقة التزاوج الالكتروني.
يتوضع الالكترون في الأسفل t2g إذا كانت طاقة الانشطار أكبر من طاقة التزاوج , بينما يتوضع الالكترون في الاعلى eg إذا كانت طاقة الانشطار أقل من طاقة التزاوج.
والذي يحدد طاقة الانشطار هو حقل المرتبطة اي إذا كانت المرتبطة قوية أو ضعيفة.
مثلاً :
- إذا كانت المرتبطة قوية مثل ¯CN بالتالي Δο عالية جداً وبالتالي المعقدات الناتجة تكون ديا مغناطيسية
- وإذا كانت المرتبطة ضعيفة مثل H2O بالتالي Δο صغيرة والمعقدات الناتجة تكون بارا مغناطيسية
2- في حالة معقدات رباعية الوجوه
في المعقدات رباعية الوجوه المرتبطات تكون بين المحاور وبالتالي المرتبطات عندما تقترب من الذرة المركزية فإنها تقترب من المدارات الموجودة بين المحاور وبالتالي سوف ترتفع طاقة المدارات الموجودة بين المحاور وهذه المدارات هي :
dxy و dxζ و dyζ
بينما المدارات الموجودة على المحاور سوف تنخفض طاقتها وهذه المدارات هي :
dx²-y² و dζ²
بالتالي سوف نحصل على انعكاس كامل لانشطار ثماني الوجوه.
وجدَ أن الانشطار رباعي الوجوه أقل من الانشطار ثماني الوجوه وتقريباً يساوي إلى النصف وذلك بسبب :
أن المرتبطة ليست بالمستوي اي لا تقترب تماماً فهي ليست موجهة تماماً إلى المدارات وبالتالي الانشطار يكون أقل
Δt = ½ Δο
Δt : الانشطار في حالة رباعي الوجوه
Δο : الانشطار في حالة ثماني الوجوه
ملاحظة :
نظرية رابطة التكافؤ تقول ان التهجين لرباعي الوجوه هو d³s ومدارات d الثلاثة المواجهة للمرتبطات هي المدارات التي بين المحاور
نظرية الحقل البلوري تقول ان المدارات الجاهزة طاقياً ( من حيث الطاقة ) للارتباط هي t2g اي المدارات الثلاثة بين المحاور
وهذه كانت نقطة تشابه بين النظريتين.
3- في حالة المعقدات ثمانية الوجوه المشوهة
- أحياناً ولأسباب لها علاقة بالبنية الالكترونية ومثال على ذلك النحاس الذي يحوي 9 الكترونات في المدار d في حالة +Cu²
- يبقى الكترون فردي في مدارات eg (في حالة انشطار لثماني وجوه) اي لدينا عدم تجانس في توزع الالكترونات على المدارين الرابطين الذين يدخلان بالارتباط.
- بالتالي المرتبطات على المدار dζ² تبتعد قليلاً عن المركز وتتحول من ثماني وجوه نظامي إلى ثماني وجوه مشوّه
- إذاً سوف يخف الضغط على المدار dζ² بالتالي تنخفض طاقته ويرافق ذلك ضغط للمرتبطات على المدارات الموجودة في المستوي العمودي على dζ² اي المدار dx²-y² بالتالي سوف ترتفع طاقته وهذا سوف يؤدي الى انشطار السوية eg.
- ينتج عن ذلك أيضاً أثناء ضغط المرتبطات على المستوي x , y سوف تؤثر على المدار الذي بين المحاور وهو dxy بالتالي سوف ترتفع طاقة هذا المدار نتيجة الضغط القادم من المرتبطات وبالمقابل سوف تنخفض طاقة المدارات الموجودة في المستويات المعامدة وهي dxζ و dyζ وبالتالي السويةt2g سوف تنشطر أيضاً.
4- في حالة المعقدات رباعية المستوي
كلما ابتعدت المرتبطات الموجودة على المحور ζ يزداد الانشطار وفي حالة ابتعدت هذه المرتبطات كثيراً لدرجة أنها تصبح غير مرتبطة يتحول الشكل من ثماني وجوه مشوه إلى رباعي مستوي وطبعاً يزداد الانشطار. وبالتالي يتشكل لدينا مدار واحد فقط هو الأعلى طاقة من جميع المدارات وهو المدار dx²-y² والذي يكون جاهز للارتباط والسبب في ذلك هو أن المرتبطات تضغط أكثر على المستوي x,y
ملاحظة :
- وفق نظرية رابطة التكافؤ في حالة رباعي المستوي يكون التهجين من النمط dsp² ومدار d الداخل في التهجين هو dx²-y²
- وحسب نظرية الحقل البلوري فهناك مدار واحد من d هو الأعلى طاقة والذي يكون جاهز للإرتباط وهذا المدار هو dx²-y²
مثال :
في حالة النحاس الثنائي +Cu²
وفق نظرية رابطة التكافؤ التهجين هو dsp² والشكل رباعي مستوي وذلك في حالة المرتبطات القوية
أما وفق نظرية الحقل البلوري هذا الالكترون الفردي يكون على مستوى طاقة عالية جداً وهذا ما يمكنه من التواجد في مدار غير مدار 3d وليكن مدار 4p
وهذا ما يحقق نظرية رابطة التكافؤ وهو التهجين dsp² والذي يترافق بانتقال الكترون من 3d إلى 4p ويكون الشكل رباعي مستوى.
مثال :
لنأخذ الحديد بدرجتي الاكسدة (+2 , +3) وذلك في حالة ثماني الوجوه
عندما يتشكل المعقد وحسب نظرية الحقل البلوري تنشطر المدارات d
1- في حالة المرتبطات الضعيفة
تكون طاقة التزاوج للإلكترونات > طاقة الانشطار وبالتالي عندها من أجل :
الحديد الثنائي +Fe²
يكون لدينا 4 الكترونات في حالة استقرار مقابل 2 الكترون في حالة عدم الاستقرار ويكون التوزع على المدارات المنشطرة نفس توزع المدارات الذرية والمعقد الناتج يتمتع بعزم مغناطيسي مرتفع .
الحديد الثلاثي +Fe³
يكون لدينا 3 الكترونات في حالة استقرار مقابل 2 الكترون في حالة عدم استقرار ويكون التوزع الإلكتروني على المدارات المنشطرة نفس توزع المدارات الذرية والمعقد الناتج يتمتع بعزم مغناطيسي مرتفع جداً.
2- في حالة المرتبطات القوية
تكون طاقة تزاوج الالكترونات < طاقة الانشطار وبالتالي عندها من أجل :
الحديد الثنائي +Fe²
يكون لدينا 6 الكترونات في حالة استقرار وبالتالي المعقد ثابت والسبب في ذلك هو أن معقدات الحديد مع المرتبطات القوية تولد حقل عالي فهي تتمتع بخواص ديا مغناطيسية ( الكترونات متزاوجة)
الحديد الثلاثي +Fe³
هنا يوجد لدينا 5 الكترونات في حالة استقرار وتتمتع هذه المعقدات بخواص بارا مغناطيسية ( لوجود الكترون فردي )
إذاً نجد أن معقدات الحديد الثنائي مع المرتبطات القوية هي أكثر استقراراً من معقدات الحديد الثلاثي مع نفس المرتبطات .